Navigation

لماذا ندعو ولا يُستجاب لنا؟

لماذا ندعو ولا يُستجاب لنا؟

لماذا ندعو ولا يُستجاب لنا؟

أحبتي في الله حلقة استثنائية من حلقات وثائقيات إعجازية نقف فيها مع سؤال يشغل بال الكثيرين جدا، والكثير جدا من المسلمين لا يعرف إجابة لهذا السؤال و هو يمثل مشكلة من أخطر المشكلات التي يعاني منها المسلم في حياته، وكذلك الأمة الإسلامية بأكملها: وهو لماذا ندعو الله تعالى ليل نهار ولا نرى استجابة من الله لنا،  فما هي الأسباب التي تحول بيننا وبين الاستجابة، و ما هو الدواء لتك المشكلة ؟
والجواب بعون الملك الوهاب هو ما يلي : اعلم رحمني الله و إياك أن الدعاء من أفضل العبادات التي حثنا عليها رب الأرض و السماوات قال سبحانه {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.
واعلم أنه ليس شيء أكرم على الله ـ عز وجل ـ من الدعاء، ومن لم يدع الله ـ عز وجل ـ غضب عليه، وقد ثبت في الحديث عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ» أخرجه الترمذي.
و النبي – صلى الله عليه و سلم- جعل الدعاء هو العبادة فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، عن النبي قال: «الدعاء هو العبادة»، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ} [سورة غافر:60].
وقد أمر الله بدعائه في آيات كثيرة، ووعد بالإجابة وأثنى على أنبياءه ورسله، فقال: {إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ في الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ} [سورة الأنبياء:90].
وأخبر سبحانه، أنه قريب، يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فقال سبحانه لنبيه : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [سورة البقرة :186]
وأمر سبحانه بدعائه، والتضرع إليه، لا سيما عند الشدائد، والكربات، وأخبر أنه لا يجيب المضطر، ولا يكشف الضر إلا هو، فقال:{
 أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء} [سورة النمل: 62].
وعلى الرغم من كل ما سبق من وعد الله سبحانه وتعالى بإجابة الدعاء إلا أننا لا نرى استجابة من الله تعالى لأنفسنا أو لأمتنا إذا دعونا الله تعالى والسر في ذلك ما يلي وأرجو الانتباه معي قليلاً:
من موانع عدم استجابة الدعاء:
السبب الأول:  الحكمة الربانية
أولاً: اعلم أخي الحبيب وأختي الكريمة أن أي دعاء يدعوه العبد إذا وافق شروط القبول فإنه ولا بد مجاب بإذن الله تعالى، وهذا وعد من الله تعالى لعباده في القرآن الكريم حيث قال تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فهو سبحانه وعد بالإجابة وأمرنا بالدعاء، وأرجو أن تنتبهوا معي في هذه الجملة جيدا وأتمنى أن تحفظوها ولا تنسوها أبدا وهي (لزوال الدنيا بمن فيها أهون على الله تعالى من أن لا يفي بوعده الذي وعده سبحانه، وحاشاه جل وعلا)، فكل دعوة يدعوها العبد مستجابة مستجابة مستجابة بإذن الله، في الدنيا أو في الاخرة، ومصداق ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: « ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث، إما أن يستجاب له، وإما أن يدخر له، وإما أن يكفر عنه ». ففي هذا الحديث دليل أن الدعاء مجاب إما معجلاً وإما مؤخراً .
ثانيًا: اعلموا أيضا أنه قد يكون المانع من استجابة الدعاء حكمة يعلمها الله سبحانه  تعالى وتخفى علينا ولا نعلمها، والله يفعل ما يشاء وقتما يشاء كيفما يشاء، والله لا يسأل عما يفعل، ولكننا لابد أن نكون موقنين تمامًا أن الله تعالى لا يقدر لنا إلا الخير ، فقد تتأخر استجابة الدعاء لحكمة، وهذه الحكمة لا تحمل إلا كل الخير للعبد وهو لا يعلم،  فمثلا من أوجه الحكمة في تأخر الإجابة ما بينه النبي – صلى الله عليه و سلم - بقوله: «ما على الأرض من رجل مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة إلا آتاه الله إياها , أو كف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم» فقال رجل من القوم : إذا نكثر ؟ قال : «الله أكثر » فمن الحكمة التي لا نعلمها والله يعلمها في هذا الحديث هو أن يكف الله سبحانه وتعالى عنا بهذا الدعاء سوءا وشرا كان سيقع بنا ولكن الله برحمته أولا ثم بدعاءنا صرف عنا هذا السوء، وكم من سوء صرفه الله عنا ونحن لا نعلمه ولا ندري به، أظن كثير جدا. وأيضا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الحكم بقوله «ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث، إما أن يستجاب له، وإما أن يدخر له، وإما أن يكفر عنه».
ثالثا: من الحكم أيضا التي تتأخر بها إجابة الدعاء أن الله تعالى سيستجيب الدعاء حتمًا ولكن في الوقت الذي يريده هو، لا الذي نريده نحن، و لابد أن نعلم علم اليقين أن الوقت الذي سيستجاب فيه الدعاء هو الوقت الأصلح والأنفع لنا ولحكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه، فالله يعلم ونحن لا نعلم، وكثير جدًا ندعو الله تعالى ولا يستجيب إلا في وقت معين، وإذا نظرنا نجد أن هذا الوقت الذي اختاره الله لنا هو أفضل وأصلح الأوقات لإجابة الدعاء، وهذا مر بنا كثيرًا جدًا.
رابعًا : ومن الحكمة في تأخير إجابة دعاء المظلومين على الظالمين تأخيرهم الى يوم القيامة، لقول الله جل وعلا: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ } [إبراهيم:42، 43].
وقد يكون من سبب تأخير استجابة الدعاء عليهم أن الله عز وجل أراد لهم أشد العذاب، ولما يبلغوا درجته الآن، فيمهلهم الله حتى يبلغوا تلك الدرجة من البغي والطغيان، حتى يستحقوا ذلك الدرك من النار الذي أعده الله لهم.
{
وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آل عمران:178]
ثانيًا: الاستعجال والتسرع في القبول
وهذا المانع أراه من أكثر موانع عدم استجابة الدعاء، وللأسف هذا الأمر منتشر كثيرًا بين المسلمين لقلة علمهم وجهل الكثير منهم به، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يستجاب لأحدكم ما لم يَعْجل يقول دعوت فلم يُستجب لي».
وعن أبى هريرة، عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: « لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، وما لم يستعجل». قيل: يا رسول الله وما الاستعجال؟ قال: «يقول: قد دعوت وقد دعوت، فلم يستجب لي، فيستحسر عند ذلك أو يدع الدعاء » أخرجه مسلم.
قال بعض العلماء: قوله: « ما لم يعجل » يعنى يسأم الدعاء ويتركه فيكون كالمنان بدعائه، وأنه قد أتى من الدعاء ما كان يستحق به الإجابة، فيصير كالمبخل لرب كريم، لا تعجزه الإجابة، ولا ينقصه العطاء، ولا تضره الذنوب.
وقال بعض السلف: لانا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة، وذلك لأن الله تعالى يقول: {ادعوني أستجب لكم} فقد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة وهو لا يخلف الميعاد،
 ولكن بشرط عدم استعجال الاجابة.
ثالثا: الدعاء بإثم أو قطيعة رحم
ومن موانع استجابة الدعاء أن يدعو المرء بمعصية أو قطيعة رحم فإن الله تعالى لا يستجيب له ذلك الدعاء لحديث النبي – صلى الله عليه و سلم -
قال: «
 لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم »  أخرجه مسلم
رابعًا: عدم الجزم في الدعاء
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، ارْزُقْنِى إِنْ شِئْتَ، وَلْيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ، إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، لَا مُكْرِهَ لَهُ» متفق عليه.
قال العلماء: عزم المسألة: الشدة في طلبها، والجزم من غير ضعف في الطلب، ولا تعليق على مشيئة ونحوها، وقيل: هو حسن الظن بِاللّه تعالى في الإجابة.
وقال ابن بطال: في الحديث أنه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة ، ولا يقنط من الرحمة فإنه يدعو كريما . وقال ابن عيينة: لا يمنعن أحدا الدعاء ما يعلم في نفسه ــ يعني من التقصير ـــ فإن الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال {رب أنظرني إلى يوم يبعثون} 
خامسًا: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 
واعلم إن من أخطر الموانع التي تمنع من استجابة الدعاء وهو ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، فإذا تركت الأمة أعظم أركان الإسلام الذي هو قطب الدين و رحى الإسلام فإن الأمر بالمعروف و النهي المنكر من أهم المهمات وأفضل القربات التناصح والتوجيه إلى الخير والتواصي بالحق والصبر عليه، والتحذير مما يخالفه ويغضب الله عز وجل ويباعد من رحمته.
فعندها تدعوا الأمة فلا يستجاب لها و هذا ما هو واقع في تلك الحقبة العصيبة التي تعيشها الأمة و صدق الرسول الكريم فعن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «
والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف , ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم» أخرجه أحمد.
سادسا: أكل الحرام
اعلم علمني الله و إياك: أن من موانع إجابة الدعاء أكل الحرام و عدم اللامبالاة بذلك فإن العبد يدعو و لا يسمع له دعاء و يستجيب الله تعالى له، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى : {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} وقال تعالى : {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب ، يا رب ، ومطعمه حرام ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام فأنى يستجاب له»  أخرجه مسلم.
فالحرام خبيث وإن كان كثيراً، وإن بدا لك أنه حسن وطيب، فهو سيء خبيث، ثم إن أكل الحرام له من الآثار السيئة على آكله ما الله به عليم، فعلى سبيل المثال: إن الذي يأكل الحرام لا يستجاب له دعاء، وهل يستغني العبد عن ربه طرفة عين، أبداً، فالأمة تدعوا وتجأر بالدعاء بالنصر على الأعداء و لكن لا يستجاب لها أتدري لماذا ؟
لأن الأمة استهانت بأكل الحرام فانتشر الربا و الرشوة و السرقة و الغش و صدقت فيهم نبوئة النبي – صلى الله عليه وسلم حين قال: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ أَمِنَ الْحَلَالِ أَمْ مِنْ الْحَرَامِ » أخرجه البخاري، وقال بعض السَّلف : لا تستبطئ الإجابة ، وقد سددتَ طرقها بالمعاصي.
سابعًا: عدم الإخلاص في الدعاء
لأن الله تعالى يقول: { فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } [غافر:14] وقال تعالى: { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً } [الجن:18]. فالذين يدعون مع الله غيره من الأصنام وأصحاب القبور والأضرحة والأولياء والصالحين كما يفعل عباد القبور اليوم من الاستغاثة بالأموات، هؤلاء لا يستجيب الله دعاءهم إذا دعوه لأنهم لم يخلصوا له. وكذلك الذين يتوسلون في دعائهم بالموتى فيقولون: ( نسألك بِفلان أو بجاهه ) هؤلاء لا يستجاب لهم دعاء عند الله لأن دعاءهم مبتدع غير مشروع، فالله لم يشرع لنا أن ندعو بواسطة أحد ولا بجاهه، وإنما أمرنا أن ندعوه مباشرة من غير واسطة أحد. قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } [البقرة:186]، وقال تعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر:60]، وإن استجيب لهؤلاء فهو من الاستدراج والابتلاء. فاحذروا من الأدعية الشركية والأدعية المبتدعة التي تروج اليوم.
ثامنًا:  غفلة القلب عند الدعاء
أن من موانع الإجابة أن يدعو المرء و هو غافل، فهو في واد و قلبه في واد اخر،  فأنى يستجاب له. فقد روى الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل الدعاء من قلب غافل لاه» أخرجه الحاكم.
والمعنى أن الإنسان حينما يدعو لابد أن يكون مدركًا واعيًا لما يقول، ولابد من اجتماع القلب مع اللسان في آن واحد عند الدعاء، ولا يدعو الانسان بلسانه فقط وقلبه مشغول بشيء ما أو يفكر في شيء ما، ولذلك الذين اعتادوا على دعاء معين في كل يوم يقع الكثير منهم في هذا الأمر، وهو عدم استحضار القلب عند الدعاء، ولذلك يجب على من اعتاد دعاءًا معينًا كل يوم يدعو به كأذكار الصباح والمساء مثلاً أن يعي ويدرك بقلبه ما يدعو به لسانه حتى يُستجاب له بإذن الله تعالى
تاسعًا:  عدم تسبيب الأسباب
قد يكون سبب عدم استجابة الدعاء أن العبد لم يأخذ بالأسباب، كأن يطلب النجاح من غير دراسة، أو الرزق من غير عمل، أو الشفاء من غير علاج ، كما في قصة الفقيه الإمام عامر الشعبِي رحمه الله عندما مر بإبِل قد فشا فيها الجَرَبُ، فقال لصاحبها: أما تداوي إبلك؟ فقال: إن لنا عجوزًا نتَّكِلُ على دعائِها، فقال: «اجعل مع دعَائِهَا شيئا مِنَ القَطِرَانِ». والقطران: يداوي جَرَب الإبل.
ومن عدم تسبيب الأسباب طلب النصر من الله تعالى من غير إعداد العدة لذلك، وهذا نراه واضحًا جليًا في حال الأمة الاسلامية اليوم، فالأمة تدعو الله في الليل والنهار ولا ترى استجابة لماذا، لأنها لم تسبب أسباب استجابة الدعاء، وذلك بنصر الله تعالى وإقامه شرعه المطهر
 قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
عاشرًا: ظلم المظلوم لغيره
من موانع عدم استجابة الدعاء ظلم المظلومين لغيرهم: فقد يكون المرء مظلوما من جهة من الجهات إلا أنه ظالم لغيره في جهة أخرى و عندها يدعو فلا يستجاب له لأنه يُدعى عليه أيضا من جهة أخرى، كمن ظُلم مثلا ويدعو على ظالمه، ولكنه  في نفس الوقت ظالم لغيره، كأخته مثلاً الذي لم يعطها حقها من الميراث وهذا نراه كثيرًا جدًا في بلادنا، فهو يدعو على ظالمه من جهه، وأخته تدعو عليه من جهه أخرى فانتبهوا يارعاكم الله من هذا الأمر  جيدا.
قال بعض الصالحين: إن ظللت تدعو على رجل ظلمك، فإن الله تعالى يقول: إن آخر يدعو عليك، إن شئت استجبنا لك، واستجبنا عليك، وإن شئت أخرتكما إلى يوم القيامة، ووسعكما عفو الله
الحادي عشر: الاعتداء في الدعاء
نهى الله تعالى عن الاعتداء في الدعاء بقوله : { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} وروي عن عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه أنه سمع ابنه يقول : اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال : يا بني سل الله الجنة وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء». أخرجه أبو داود وصححه الألباني.
قال القرطبي : المعتدي هو المجاوز للحد ومرتكب الحظر، وقد يتفاضل بحسب ما يعتدى فيه، ثم قال : والاعتداء في الدعاء على وجوه : منها الجهر الكثير والصياح، ومنها أن يدعو أن تكون له منزلة نبي، أو يدعو بمحال ونحو هذا من الشطط . ومنها أن يدعو طالبا معصية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: الاعتداء في الدعاء يكون تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات، وتارة يسأل ما لا يفعله الله مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية، من الحاجة إلى الطعام والشراب، ويسأله بأن يطلعه على غيبه، أو أن يجعله من المعصومين، أو يهب له ولداً من غير زوجة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله، ولا يحب سائله.
الثاني عشر:  إهمال آداب الدعاء
إن للدعاء آدابا يجب أن تراعي حتى يكون الدعاء مجابا بإذن الله تعالى، وسوف نخصص حلقة كاملة للحديث عن آداب الدعاء أن شاء الله تعالى.
وأخيرا نختم بهذه القصة الجميلة ،  حيث سئل إبراهيم بن أدهم رحمه الله عن قوله تعالى : {ادعوني استجب لكم} فقالوا له : فإنا ندعوه فلا يستجب لنا . فقال : لأن قلوبكم ماتت بعشرة أشياء:
عرفتم الله ولم تؤدوا حقه.
وقرأتم كتاب الله ولم تعملوا به.
 وادعيتم عداوة الشيطان وواليتموه.
 وادعيتم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم - وتركتم أثره وسنته.
 وادعيتم حب الجنة ولم تعملوا لها.
 وادعيتم خوف النار ولم تنتهوا عن الذنوب.
 وادعيتم أن الموت حق ولم تستعدوا له.
واشتغلتم بعيوب غيركم وتركتم عيوب أنفسكم.
 وتأكلون رزق الله ولا تشكرونه.
وتدفنون موتاكم ولا تعتبرون.
والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته



مشاركة
Banner

وثائقيات إعجازية

مدونة علمية دعوية مختصة بموضوع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، كذلك موضوعات الطب النبوي، والطب البديل، والعلاج بالقرآن، وبعض المختارات الدعوية والعلمية

أضف تعليق:

0 comments:

جزاك الله خيرا